أخبار مهمةالأوقافعاجل

يوم عرفه فضائل وخصائص ، للدكتور خالد بدير

يوم عرفه فضائل وخصائص ، للدكتور خالد بدير

================

لتحميل يوم عرفه فضائل وخصائص ، للدكتور خالد بدير بصيغة word

لتحميل يوم عرفه فضائل وخصائص ، للدكتور خالد بدير بصيغة pdf

من فضل الله تعالي على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن جعل لهم مواسم للطاعات تتضاعف فيها الحسنات، وترفع فيها الدرجات، ويغفر فيها كثير من المعاصي والسيئات، فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات وتعرض لهذه النفحات، ومن هذه النفحات يوم عرفه .

فيوم عرفه من الأشهر الحرم التي تتضاعف فيها الحسنات كما تتضاعف فيها السيئات؛ وهو من جملة الأيام الأربعين التي واعد الله موسى أن يكلمه فيها؛ وقد أكمل الله فيه الدين وأتم علينا النعمة . فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؛ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا؛ قَالَ أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا }[المائدة:5]. قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ.”(متفق عليه).

وقد تضافرت النصوص النبوية في كثرة المغفرة والعتق من النيران في يوم عرفة؛ فعن عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟” (مسلم).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم : انظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا » « البيهقى وابن حبان وابن خزيمة والحاكم وصححه».

وعن أنس بن مالك قال : ” وقف النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعرفاتٍ وقد كادت الشَّمسُ أن تَؤوبَ فقال: يا بلالُ أنصِتْ لي النَّاسَ. فقام بلالٌ فقال: أنصِتوا لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فأنصت النَّاسُ فقال: معشرَ النَّاسِ أتاني جبرائيلُ عليه السَّلامُ آنفًا فأقرأني من ربِّي السَّلامُ وقال: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ غفر لأهلِ عرفاتٍ وأهلِ المَشعَرِ وضمِن عنهم التَّبِعاتِ. فقام عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه فقال: يا رسولَ اللهِ هذا لنا خاصَّةً؟! قال: هذا لكم ولمن أتَى من بعدِكم إلى يومِ القيامةِ. فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه: كثُر خيرُ اللهِ وطاب. ” ( الترغيب والترهيب للمنذري ؛ وقال: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما).

وعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ”: مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ؛ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ؛ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ. قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ.” (مالك والبيهقي).

ففي يوم بدر جاء الشيطان في صورة رجل يحفز المشركين على قتال المسلمين؛ وفجأة رأى جبريل عليه السلام ومعه جيش من الملائكة؛ فولى الشيطان ورجع القهقرى ونكص على عقبيه لما رأى جبريل ومن معه . ” فعن ابن عباس قال: جاء إبليس يوم بدر في جند من الشياطين، معه رايته، في صورة رجل من بني مدلج، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان للمشركين: { لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ } فلما اصطف الناس أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من التراب فرمى بها في وجوه المشركين، فولوا مدبرين وأقبل جبريل، عليه السلام، إلى إبليس، فلما رآه -وكانت يده في يد رجل من المشركين -انتزع يده ثم ولى مدبرا هو وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة، أتزعم أنك لنا جار؟ فقال: { إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } وذلك حين رأى الملائكة.” ( تفسير ابن كثير ).

بل إن الشيطان يحثو التراب على رأسه ويدعو بالويل والثبور لما رأى تنزل كل هذه الرحمات والبركات ؛ فَعَن عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لِأُمَّتِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِالْمَغْفِرَةِ ، فَأُجِيبَ : إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ مَا خَلَا الظَّالِمَ ، فَإِنِّي آخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنْهُ ، قَالَ : ” أَيْ رَبِّ ، إِنْ شِئْتَ أَعْطَيْتَ الْمَظْلُومَ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَغَفَرْتَ لِلظَّالِمِ ” ، فَلَمْ يُجَبْ عَشِيَّتَهُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَعَادَ الدُّعَاءَ ، فَأُجِيبَ إِلَى مَا سَأَلَ ، قَالَ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ قَالَ : تَبَسَّمَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، إِنَّ هَذِهِ لَسَاعَةٌ مَا كُنْتَ تَضْحَكُ فِيهَا ، فَمَا الَّذِي أَضْحَكَكَ ، أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ ؟ ، قَالَ : ” إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدِ اسْتَجَابَ دُعَائِي وَغَفَرَ لِأُمَّتِي ، أَخَذَ التُّرَابَ فَجَعَلَ يَحْثُوهُ عَلَى رَأْسِهِ ، وَيَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ ، فَأَضْحَكَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ جَزَعِهِ ” . ( ابن ماجة وأبو يعلى؛ وقال المنذري في الترغيب والترهيب : إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما).

فيستحب للعبد الإكثار من الدعاء وسؤال حاجته في هذا اليوم الأغر المبارك؛ فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.” ( الترمذي وحسنه)؛ قال ابن عبد البر – رحمه الله – : وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره.

كما يسن صيام يوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، فعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة ؟ فقال ” صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ.”( مسلم)؛ وهذا لغير الحاج وأما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة لأنه يوم عيد لأهل الموقف.

كما يجب على المسلم أن يحفظ سمعه وبصره ولسانه وجميع جوارحه في هذا اليوم؛ ففي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم أنه ” أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ؛ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ؛ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا؛ فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ؛ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ؛ فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ ؛ فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ مِنْ الشِّقِّ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنْ الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ ….”

فعلينا أن نحفظ جوارحنا في هذه الأيام المباركة؛ وأن نجتهد في الطاعة؛ فالحسنات مضاعفة لحرمة الزمان والمكان؛ كما يجب علينا أن نبتعد عن الذنوب والمعاصي لأن العقاب مضاعف أيضاً لحرمة الزمان والمكان.

تقبل الله منا ومنكم وكل عام وأنتم بخير؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

كتبه د / خالد بدير بدوي

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »